وكان سديد [1] الدولة عليّ بن أحمد الضّيف يومئذ ناظرا في الشام، فعاد إلى حلب، ولطف ببدر، ورغّبه إلى أن قرّر معه تسليم القلعة وحلب إلى الظاهر، وسيّر به عن حلب، وولّى عليها وعلى قلعتها ولاة من قبل الظاهر [2].
...
[عجميّ يكسر الحجر الأسود في ركن بيت الله الحرام]
[وفي يوم الجمعة لاثني عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة سنة ثلاثة عشر وأربع ماية ضرب إنسان عجميّ بمكة الحجر الأسود الذي في ركن البيت، بعد انقضى [3] الحجّ بدبّوس [4] وكسره وشظا فيه شظايا، وبودر وقتل هو وجماعة معه وأحرقوا بالنار. ونفر أهل مكة في طلب الحجيج، فقتل من الناس زهاء [5] خمس مائة، وخرج أيضا عدّة كثيرة منهم، ونهب من أموالهم جملة عظيمة [6].
... [1] في البريطانية «شديد». [2] الخبر في (زبدة الحلب 1/ 221): «ولما دخل الضيف على بدر بكتاب الظاهر، لطف به، واسترسل إليه، وطرح القيد في رجله، وقبض عليه، وأنزله من القلعة وتسلّمها منه. فسلّمها إلى صفيّ الدولة أبي عبد الله محمد ابن وزير الوزراء أبي الحسن علي بن جعفر بن فلاح الكتاميّ، يوم الأربعاء الحادي عشر من شهر رجب سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. . . . وولّيت القلعة يمن الدولة سعادة الخادم المعروف بالقلانسي،. . . وجعل الظاهر في المدينة واليا، وفي القلعة واليا، خوفا أن يبدو من والي حلب ما بدا من عزيز الدولة فاتك». [3] كذا، والصواب «انقضاء». [4] دبّوس: آلة من آلات الحرب تشبه الإبرة، كانت تصنع من عود طوله نحو قدمين من الخشب الغليظ في أحد طرفيه رأس من حديد قطرها ثلاث بوصات تقريبا. (تكملة المعاجم العربية، لدوزي 4/ 289، خزانة السلاح 86). [5] في (ر): «ذها». [6] حادثة كسر الحجر الأسود رواها المحدّث أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن العلويّ المتوفّى سنة 445 هـ. وقد شهدها بنفسه، وعنه نقل المؤرّخون الخبر، فقال ابن الجوزي: «في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة كسر الحجر الأسود لما صلّيت الجمعة يوم النفر الأول، ولم يكن رجع الناس بعد من منى، قام رجل ممّن ورد من ناحية مصر، بإحدى يديه سيف مسلول، وبالأخرى دبّوس، بعد ما قضى الإمام الصلاة، فقصد ذلك الحجر ليستلمه على الرسم، فضرب وجه الحجر ثلاث ضربات متوالية بالدبّوس، وقال: إلى متى يعبد الحجر، -